عندما تحوّل الصين حياة المواطنين إلى لعبة وتقوم بتقييمهم
نظام التصنيف الائتماني Sesame Credit
الدكتور أحمد علي شعبان
نظام Sesame Credit :
منذ ثلاثة أعوام، قرأت مقالاً تحدثت فيه صحيفة “ذي إنديبندنت” عن الكيفية التي قامت الصين من خلالها بتطوير نظام جديد يمنح الناس درجات لتقييم مدى كونهم مواطنين صالحين أو سيئين Sesame Credit.
وأُطلق على هذا النظام عام 2015 اسم “سيسيم كريديت”، وهو مزود بلوحة معلومات جميلة التصميم. يقيس النظام مدى طاعة المواطنين وسيرهم على نهج قويم يوحي بالوفاء، ويقوم بسحب بيانات الشخص المتاحة على شبكات التواصل الاجتماعي وتاريخ مشترياته عبر الإنترنت لتشكيل صورة كاملة وواضحة عما إذا كان مواطناً صالحاً أو سيئاً.
يشكل نظام “سيسيم كريديت Sesame Credit” جزءاً من الخطة التي تعكس رغبة الحكومة في أن تكون البنية الأساسية “لنظام الائتمان الاجتماعي” جاهزة بحلول عام 2020.
يعتبر “نظام الائتمان الاجتماعي Sesame Credit” نظاماً يهدف إلى تقييم مدى امتثال كل مواطن للدولة ووفائه لها. ويستند النظام إلى البيانات التي يتم الحصول عليها من خلال:
- الحسابات الخاصة بالأفراد وتشمل: الحسابات المصرفية، والمعاملات عبر شبكة الإنترنت، وعادات الطعام والشراب بما في ذلك تعاطي المخدرات والكحول.
- أنشطة الأفراد عبر الشبكات الإلكترونية وتشمل: البيانات المتبادلة بين المستخدمين على المواقع الإلكترونية والتي تقدم ملف اجتماعي كامل للفرد بما في ذلك موقعه، وأصدقائه، وسجلاته الصحية، وتأمينه، ورسائله الخاصة، ووضعه المالي، والتوقيت الذي يستغرقه في اللعب، وإحصائيات المنزل الذكي، وصحفه المفضلة، وتاريخ التسوق الخاص به، وسلوكياته في المواعدة.
تم تطبيق النظام اختيارياً اعتباراً من 2015، وبنهاية عام 2018 جرى تطبيقه جزئياً، وكان من المقرر طرحه بحلول عام 2020.
من الواضح أنه عبارة عن نظام مكافآت وعقوبات، حيث يتمثل هدفه الرئيسي بتقييد حركة المواطنين ذوي السجلات السيئة وغير الموثوقة، أو يسهم في تسهيل حركة المواطنين الذين يتمتعون بسجلات نظيفة وجديرة بالثقة.
وفي هذا السياق، يمكن للأفراد تحسين سجلاتهم الخاصة عن طريق نشر الأخبار الجيدة المؤيدة للحكومة، وشراء المنتجات المحلية، والقيام بأعمال إنسانية تطوعية، ودعم الخدمات الاجتماعية، وإعالة المسنين، والتبرع بالدم.
إلا أن سجلات الأفراد قد تتأثر سلباً بسبب مخالفة قوانين السير، ونشر الأخبار الكاذبة، والتدخين في الأماكن التي يُمنع التدخين فيها، ودفع الأموال لتشجيع الفساد الحكومي.
أما فيما يخص العقوبات، فقد يتم حظر السفر على الأفراد إلى خارج البلاد نظراً لعدم كفاية سجلاتهم، ومنعهم من الالتحاق بوظائف معينة، وقد لا يُسمح لهم بحجز مقاعد الدرجة الأولى في القطارات فائقة السرعة، أو قد يفقدون حقوقهم بتربية الحيوانات الأليفة، أو قد يُمنع أطفالهم من الانضمام إلى المدارس الجيدة، وهي ممارسات تجسد جميعها نهج “تقييد الحركة”.
في حين يمكن للأفراد الآخرين المثابرة لتحسين سجلاتهم، ونيل المنح الدراسية، والحصول على إنترنت عالي السرعة، والتمكن من الدخول إلى فاندق خمسة نجوم، وشراء تذاكر القطارات فائقة السرعة.
ووفقاً لمقال نُشر من قبل صحيفة “ذي إنديبندنت” في نوفمبر 2018 بعنوان “الصين تُدرج ملايين الأشخاص على القائمة السوداء وتمنعهم من حجز الرحلات الجوية في ظل طرح ’نظام الائتمان الاجتماعي‘”، فقد قامت الحكومة الصينية التي بدأت باستخدام نظام الائتمان الاجتماعي في مايو 2018، بمنع نحو 11.14 مليون شخص من حجز الرحلات الجوية، ونحو 4.25 مليون شخص آخرين من السفر بواسطة القطارات فائقة السرعة.
ويمكنني أن أتخيل حال المواطنين الصينيين الذين يجهدون لتحسين درجات الائتمان الخاصة بهم لنيل تصنيف أفضل.
ولكن السؤال المطروح هنا هو: كيف يرتبط مثل هذا الأمر بحرية الإنسان؟ هل يعود هذا النظام بالفائدة على المجتمع على المدى الطويل؟ هل يمكننا تطبيق هذا النظام في الشرق الأوسط؟
يسعدني أن تشاركوني أفكاركم !
المقال من الاندبندنت هنا
اقرأ ايضا: الوصفة السحرية لخلق تجربة عميل حديثة