مقالاتاخبارتجربة العميل

تجربة العميل في المطارات – تجربة مسافر المطار

تجربة العميل في المطارات – تجربة مسافر المطار

خالد ملكاوي

في السابق كان معظم الاهتمام بتقديم تجربة عميل مميزة مقتصر فقط على شركات الطيران (مقدم الخدمة المباشر) من خلال محاولات شركات الطيران تقديم خدمات مميزة للمسافر خلال رحلته في الجو وهو داخل الطائرة، وكان دور المطارات يقتصر فقط على توفير البنية التحتية الأساسية والضرورية لإتمام الإجراءات المتعلقة بالسفر، ولكن الآن ومع تطور قطاع الطيران بشكل كبير والذي يعتبر من أكثر القطاعات وأسرعها تطورا، ودخول المنافسة في قطاع المطارات تحديدا، وبالرغم من أن المطارات تقدم خدماتها لشركات الطيران والمسافرين إلا أن المسافر حاز على اهتمام كبير من قبل المطارات وأصبح مفهوم تجربة العميل الذي يهتم بالمسافر من أكثر أدوات الأعمال أهمية لإدارات المطارات، ويسمى اصطلاحا بتجربة المسافر وهي الآن ذات أهمية قصوى للمطارات والمشغلين على حد سواء بل وتكاد تكون بنفس أهمية المنتج أو الخدمة المقدمة للمسافر.

تعبّر تجربة المسافر عمّا يعيشه المسافر ويشعر به عاطفيا خلال سفره بكل مراحله، وهنا سنركز على الجزئية التي تهتم بها المطارات من هذه التجربة وهي الفترة التي يقضيها المسافر داخل المطار سواء عند المغادرة أو الوصول أو حتى المرور والانتظار وتسمى تجربة مسافر المطار، وبالتالي فإنها تجربة العميل في المطارات. تبدأ تجربة مسافر المطار باختيار المطار المناسب للمغادرة والوصول مروراً باستخدام الصالات والمرافق والخدمات وانتهاءً بمغادرة المطار سواء عبر بوابات الخروج أو عبر بوابات الصعود للطائرات.

أربعة عوامل رئيسية تؤثر في تجربة العميل في المطارات

بحسب برنامج جودة خدمة المطارات ASQ  التابع لمجلس المطارات الدولي ACI فإن هناك أربعة عوامل رئيسية تؤثر بتجربة المسافر داخل المطار، تكوّن عنده منظومة المشاعر والعواطف التي تبني التجربة وتحدد مدى رضاه عن الخدمات المقدمة من المطار، لذلك فإن الاهتمام بها من قبل المطارات وتطويرها المستمر سيبقي تجربة المسافر في الذاكرة، وهذه العوامل هي:

  1. العامل البشري
  2. الإجراءات التسهيلية والأمنية
  3. كيفية قضاء الوقت الفائض
  4. بيئة المطار (الأجواء العامة للمطار)

العامل البشري

يتمثل بالأفراد الذين من الممكن ان يتم التواصل أو الاحتكاك معهم داخل المطار من العاملين أو الجهات التجارية والأعمال، بالإضافة لموظفي الجوازات والجمارك والأمن والاستقبال وغيرها، لذلك يعد العامل البشري من العوامل المؤثرة بشدة على تجربة المسافر، فمهما كان استخدام التكنولوجيا في تقدم فإنه سيبقى التفاعل والتواصل البشري مع أفراد وطواقم العمل في المطار أمر ضروري للمسافر، ووجود أشخاص على قدر عالي من الاحترافية بالتأكيد سيثري تجربة المسافر ويؤثر عليها إيجابا.

ومثل أي منظومة أعمال تقدم الخدمات فإن تجربة مسافر المطار أيضا تتأثر بوجود طاقم عمل يتمتع بالوديّة، الاهتمام بحاجات المسافر، التواجد الدائم والسرعة والمبادرة بعرض المساعدة الشخصية على المسافر في حال مواجهة أي نوع من الصعوبات، مع تقديم المعلومات الصحيحة والملائمة في كل مرة، التعامل مع شكاوى المسافرين باحترافية عالية، بالإضافة لفهم الثقافات المختلفة واستيعاب التنوع الثقافي الموجود في المطار والتعامل معه. كل ذلك يدل على أن العامل البشري المتواجد في المطار إذا توفرت لديه المعلومات، المهارات، والسلوكيات الاحترافية الملائمة التي تنظر للمسافر على انه محور الأعمال وأهم عنصر فيها، فإن تأثيرهم سيكون كبير وإيجابي على تجربة المسافر، بل ويحول تجربة مسافر المطار لتجربة أكثر شخصية وودية.

أقرا ايضا تجربة العميل في ديزني لاند

الإجراءات التسهيلية والأمنية

مع تزايد أعداد المسافرين ووجود تهديدات أمنية مستمرةـ فإنه من المهم الحفاظ على مستوى الأمان وزيادته في المطارات وعلى متن الرحلات، وجميع الركاب بلا استثناء يتقبلون الإجراءات الأمنية لقناعتهم بأنها وجدت لضمان سلامتهم، وعلى الرغم من ذلك فإننا نتحدث عن عامل مهم جدا ذو حساسية عالية ويحتاج لكثير من الاحترافية في التعامل معه وإدارته، حيث أن الإجراءات الأمنية تزيد من ثقة المسافر وشعوره بالأمان إلا أن تشديدها قد يؤثر سلباً على تجربة المسافر ومشاعره، ووجود هذه الإجراءات بشكلها التقليدي يؤثر على شعور المسافر بالراحة، وبالمناسبة فإن هذا أحد الأسباب الرئيسية لطلب شركات الطيران من المسافرين التواجد قبل موعد الرحلة بساعتين على الأقل، وهذا بحد ذاته له أثر ليس بالبسيط على تجربة مسافر المطار، حيث أنه يزيد من الأوقات الفائضة التي سيقضيها المسافر داخل المطار، وبالتالي يزيد من الضغط على إدارات المطارات لتوفير خدمات ووسائل راحة وترفيه لتمضية هذه الأوقات بشكل مريح، وتعويض العميل عن الإزعاج الذي قد تسببه هذه الإجراءات الأمنية.

يتبع الإجراءات الأمنية في المطارات الإجراءات التسهيلية ذات العلاقة مثل الهجرة والجمارك وغيرها، ومع محاولات التطوير المستمرة فإنه سيبقى هذا هو الجزء هو الأكثر إرهاقاً في تجربة السفر، وهذه قناعة أكيدة عند المسافر، شركات الطيران، وحتى المطارات، وفي الآونة الأخيرة هناك كثير من الجهود المتوجهة نحو تطوير هذه الجزئية من رحلة المسافر وجعلها أكثر راحة، وذلك من خلال استخدام التكنولوجيا والتقليل من الاحتكاك المباشر مع المسافر وعدم اشعاره بصعوبة هذه الإجراءات أو تعقيدها مثل البوابات الإلكترونية وغيرها، وستبقى هذه المحاولات مستمرة لإيجاد أساليب جديدة للقيام بنفس الإجراءات الأمنية والتسهيلية بوسائل تقلل أوقات الانتظار وتقلل من الإزعاج بهدف زيادة رضا المسافرين.

كيفية قضاء الوقت الفائض

يقضي المسافر كثير من الوقت داخل المطار دون القيام بمهام محددة، وبالذات بعد الانتهاء من إجراءات السفر، وكيفية قضاء هذا الوقت يعتبر من العوامل المؤثرة بشدة على تجربة المسافر، ومن أكبر التحديات للمطارات حيث أصبح من مسؤوليتها وأولويتها توفير أماكن ووسائل وخدمات تساعد المسافر على تمضية وقته دون الشعور بالانزعاج أو الملل، بل على العكس من ذلك تماماً، فقد أصبحت كثير من المطارات مقصداً للكثيرين بسبب وسائل التسلية والترفيه والخدمات الاستثنائية المتوفرة لقضاء الأوقات. ومن الأمثلة على الأساسيات التي تقوم المطارات بتوفيرها للمسافرين الأطعمة والأشربة والصالات المريحة والمجهزة للطعام، أماكن التسوق، أماكن الترفيه، أماكن الجلوس المريحة، بالإضافة لخدمات الإنترنت داخل جميع مرافق المطار.

1تجربة العميل في المطارات

بيئة المطار (الأجواء العامة للمطار)

 بالنسبة لمعظم المطارات فإن أولوية الإنفاق لديها تتمركز حول تحسين الأجواء العامة وبيئة المطار، حيث أن بيئة المطار بحسب ACI هي العامل الأكثر تأثيراً في تجربة المسافر، ويتأثر المسافر كثيراً بأجواء المطار كون تجربة العميل في المطارات والسفر بشكل عام تعتبر تجربة مشاعر بالدرجة الأولى، لأن وجود المسافر في المطار أساساً يخلق إحساساً بالرفاهية والطموح وشعور بالارتباط بالمكان، وكل ما يمكن للمسافر ملاحظته داخل المطار يعتبر جزء من هذه البيئة، مثل الضوضاء، مستوى النظافة، جمالية المكان، الإضاءة، الألوان، طوابير الانتظار، الفوضى، الاتساق، التصميم والتخطيط الداخلي لمبنى المطار، وكل ما يراه أو يشعر به المسافر داخل المطار، لذلك فإن الاهتمام بجميع هذه التفاصيل يعمل على إثراء تجربة المسافر والتأثير عليها إيجاباً، وهذه التفاصيل تعمل معاً بشكل متكامل لتكوين انطباع عن بيئة وأجواء المطار يرتبط بالأذهان ويكون الأكثر تأثيراً على تجربة العميل. فمثلاً من حيث التصميم الداخلي فإن المسافرين يقدرون جداً وجود الضوء والمساحة، ويحبون خطوط الرؤية الطويلة واللوحات الإرشادية ليتمكنوا من رؤية وجهتهم وسهولة العثور على بواباتهم، وهم بنفس الوقت ينزعجون جداً من الشعور بالضياع داخل أروقة المطار، طوابير الانتظار الطويلة، عدم نظافة المرافق، الفوضى، وعدم تناسق الألوان، حيث بينت أحد الدراسات أن جمالية المطار هي العامل المرتبط ببيئة المطار الأكثر تأثيراً على مستوى رضى المسافر.

تجربة مسافر المطار كأي تجربة عميل هي تجربة مشاعر وعواطف، كلما كانت الخدمات المقدمة من قبل المطارات شخصية ومتجاوزة لتوقعات المسافر كلما كانت التجربة متميزة واستثنائية، لذلك عندما تكون الأساسيات جيدة فإن إضافة لمسات صغيرة ومدروسة بالطبع ستنعكس إيجاباً على المطار من جميع النواحي وقد تؤدي إلى تحول كبير في خلق تجربة مسافر لا تنسى.

اقرأ أيضا: لماذا لا تنجح الشركات بتقديم تجارب استثنائية

خالد ملكاوي

خبير في مجالات إدارة العملاء، تقنيات التدريب وتطوير الأعمال، متخصص في إدارة خدمات كبار العملاء، وباحث في مجال تطوير وأتمته الخدمات في قطاع الطيران، بخبرة تزيد عن 15 عاما، شغل خالد عدة مناصب في عدد من الشركات المحلية والإقليمية العاملة في مجال تقديم الخدمات، وساعد في تأسيس وإدارة عدد من الشركات الناشئة في مجالات مختلفة مثل التجارة الإلكترونية، الخدمات اللوجستية، والخدمات التدريبية والاستشارية، وهو رائد أعمال حاصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة اليرموك. قدم خالد مجموعة كبيرة من البرامج التدريبية والخدمات الاستشارية المتعلقة بتطوير المبيعات، بروتوكولات الأعمال، ريادة الأعمال، وتصميم استراتيجيات خدمات العملاء، وتحسينها، كما ساهم بتصميم عدد من برامج قياس مستوى الخدمات ورضى العملاء.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى