مقالاتاخبار

نجوم ميشلان | قطاع المطاعم

نجوم ميشلان | قطاع المطاعم

المهند السبيعي

تمهيد

دليل المطاعم الأجدر بالزيارة بدأت قصته ما بين عامي (1988 – 1900)  عندما قرر الإخوة أندريه وإدوارد ميشلان (Andre & Edouard  Michelin)، إعداد دليل لمحطات الوقود، ويتضمن الدليل معلومات عن إصلاح وتغيير إطارات السيارات، وبعض المعلومات عن ميكانيكا السيارات … الهدف من الدليل كان لتشجيع الناس على شراء السيارات (في تلك الآونة تشير بعض الإحصاءات أن عدد السيارات في فرنسا لم يتجاوز الـ 3000 سيارة)، الهدف من الدليل كان تجاريا بحتا فإذا زادت السيارات ستزيد الحاجة إلى الإطارات وستزدهر أعمال مصنع ميشلان للإطارات.

التحول لقطاع المطاعم

في عام 1926 بدأ نطاق عمليات الدليل بمنح نجمة واحدة (ثم أصبحت ثلاثة نجوم) وكان العمل محصورا على فرنسا ثم أخذ يتوسع تدريجيا خارج فرنسا في عدة دول حول العالم مع فروقات زمنية بين دولة وأخرى تخللها انقطاع بسبب الحرب العالمية الأولى.

أصبح الحصول على نجمة حلم لكل طاهي أو صاحب مطعم لأن ذلك يؤدي لارتفاع عوائد المطعم كما أن ذلك يعطي المطعم مبرراً لزيادة أسعار قائمة طعامه بسبب هذا الاعتراف المعتبر الذي يمكن أن نشبهه بوسام الأوسكار الذي يحصل عليه ممثل أو مخرج في صناعة الأفلام أو جائزة نوبل في مجال العلوم، والعكس صحيح فإن سحب النجمة قد يؤدي إلى تدهور عوائد المطعم. الفائدة المجنية لهذا الاعتراف ليست محصورة على المطعم وحسب بل تمتد إلى تسويق المدينة والدولة سياحيا لتجذب هذه المطاعم العديد من السياح الذين يستهويهم استكشاف الثقافة من خلال تجربة الطعام. 

كيف تمنح النجوم

نجوم ميشلان

كان يشاع أن الذين يطوفون العالم للتقييم ومنح النجوم هم الإخوة (اندريه وإدوارد) بأنفسهم إلا أن هذه المعلومة مغلوطة، حيث يقوم على الدليل العديد من المفتشين حول العالم (كما المتسوقين السريين) مجهولي الهوية، ولا يمكن تحديد تاريخ ووقت زيارتهم للمطعم الذي سيتم تقييمه، كما أنهم غير مفوضين للتحدث إلى أي جهة إعلامية ولا يسمح لهم الإفصاح عن هويتهم لأي شخص (لدرجة أنهم غير معروفين لموظفي تحرير الدليل أنفسهم).

 لا أحد يعلم تاريخ وتوقيت زيارتهم لأي دولة والعديد من الدول في الشرق الأوسط تتمنى أن يحصل أحد مطاعمها على اعتراف منهم، ولذلك لجأت بعض دول الخليج لإحضار طهاة حاصلين على نجوم ميشلان على أمل أن توضع مطاعمها في دليل ميشلان في إصداراته القادمة.

تصنيف نجوم ميشلان

التصنيف ثلاثة مستويات يبدأ بنجمة واحدة ثم نجمتين وأعلى تقييم يمكن أن يمنح هو ثلاثة نجوم

نجمة واحدة (*) طبخ ذو جودة عالية في فئته، مطعم يستحق أن تمر عليه

نجمتين (**) طبخ ممتاز يستحق التجربة وأن تجعله ضمن برنامج رحلتك

ثلاثة نجوم (***) طبخ استثنائي تشد له الرحال (يستحق أن تسافر خصيصا لتجربته)

معايير التقييم 

أحد أهم المعايير في التقييم هو الثبات (الاستمرار بتقديم نفس المستوى في كل وقت وكل يوم) وهذه أحد أهم قواعد تجربة العميل وأصعبها تحقيقا على الإطلاق بغض النظر عن القطاع. وهنالك معايير أخرى مثل جودة المكونات (المواد الخام)، والابتكارية بأسلوب الطهي، وشخصية الطاهي، وتقنيات الطهي وتناغم النكهات … معايير التقييم لا تلقي أدنى اعتبار على شكل المطعم كتصميم داخلي فكل ما يهم المفتشين هو المنتج النهائي في الطبق المقدم وتميزه عن أطباق المنافسين (مطاعم في نفس المطبخ). وعوامل أخرى كثيرة تقع تحت تصنيف تجربة العميل كأن يتم استقبالك بحفاوة وأن لا تنتظر كثيرا حتى يتم إرشادك إلى الطاولة التي قمت بحجزها مسبقا تؤثر بعنصر تقييم (القيمة مقابل المال المدفوع).  

ولذلك ستجد أن معظم المطاعم الحاصلة على نجمة أو أكثر من نجوم ميشلان عندما تبحث عنها باليوتيوب هو أن أكثر جانب يهتموا به هو الطبق بحيث يخرجونه كما لو أنه تحفة فنية (الهوس بأدق التفاصيل) أحد أساسيات تجربة العميل أيضا. الكميات في الأطباق ضمن هذه المطاعم قليلة نسبيا (يصفها البعض بالعينات) إلا أن تجربتها من المفترض أنها تأخذك إلى عالم آخر. 

الحصول على الاعتراف ما هو إلا البداية

التحدي لا يكمن بالحصول على أحد نجوم  ميشلان بل بالمحافظة عليها لأنه يمكن أن تزيد أو تنقص أو تسحب كليا، بعض المطاعم حصلت على نجمة ثم تحسنت وحصلت على نجمة ثانية، مطاعم أخرى توفي الطاهي الرئيسي بها فتدهور وضعها فسحبت منها النجمة. وذلك يعني أن كل يوم بالنسبة لهذه المطاعم هو يوم يحتمل أن يزوره أحد مفتشي دليل ميشلان وهذا يجعل التحدي على الطهاة كبير جدا ويضعهم تحت ضغط شديد على مدار العام. 

سحب الاعتراف أو حتى تخفيضه يعتبر مأساة حقيقية للطهاة أو أصحاب المطاعم، في عام 2003 انتحر الطاهي الفرنسي برنار لوازو (Bernard Loiseau) بعد تخفيض تقييم مطعمه في دليل ميشلان، وتخلى الطاهي سيباستيان براس (Sebastien Bras) عن النجوم بسبب عبء هذه المسؤولية، حيث قال في فيديو نشره على الفيسبوك: “قررت، بالاتفاق مع كافة أفراد أسرتي، بداية فصل جديد من حياتي المهنية، بدون جائزة دليل “ميشلان،” )

التميز هو أسلوب حياة يومية في المطاعم الحاصلة على ثلاثة نجوم، ولعل هذا يكون سببا في كون أن اليابان كانت من أعلى الدول من حيث المطاعم الحاصلة على ثلاثة نجوم وذلك لأن التميز والاتقان في نسيجها الثقافي. 

الطهي المستدام

هنالك نجمة خضراء أضيفت عام  2020 (كتصنيف جديد) وهي تعبر عن التزام المطعم بموضوع الطهي المستدام: من عدة جوانب تتعلق بالمسؤولية تجاه الكوكب مثل مستهدف صفر هدر من فائض الطعام أو الأغلفة المستخدمة فيه، تجنب استخدام البلاستيك بكل أنواعه، المواد الخامة المستخدمة في الطهي ونوعيتها (على أن لا تشمل كائنات مهددة بالانقراض)، ومصادرها ومورديها (الاعتماد على موردين محليين) وتمتد هذه المسؤولية لاستخدام مصادر طاقة متجددة في الطهي لتخفيض مستوى البصمة الكربونية (معدلات انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون) ,, الخ,

نجوم ميشلان

وقد شمل هذا التصنيف الجديد من التقييم في أول إصدار الدول الاسكندنافية: السويد، الدنمارك، فنلندا، النرويج وآيسلندا ولعل الاختيار وقع عليهم بسبب أسبقيتهم وتقدمهم في تطبيقات الاستدامة بشكل عام.

هنالك أنواع أخرى من التصنيفات التي يتم تفنيدها في دليل ميشلان، لكن لا يسعنا المقام لذكرها واكتفيت بنجمة الاستدامة لأنها أعجبتني، ويمكن للقارئ الكريم أخذ فكرة عن الأصناف الأخرى من مصدر رسمي هنا

كيف تصل للدليل

يمكنك الاطلاع على جزء من محتوى الدليل على الموقع الرسمي الخاص به (https://guide.michelin.com) إلا أن هناك العديد من الأدلة المطبوعة الخاصة بدول أو مدن معينة والتي تحتوي على تفاصيل أكبر بكثير ويمكنك شراء هذه الأدلة اونلاين من موقع أمازون. وقد بيع من أدلة ميشلان أكثر من 30 مليون نسخة ولعل أكبر مصدر دخل لهم يعتبر من هذه المنشورات.

في الختام

من الصعب تلخيص رحلة للبحث عن التميز امتدت لأكثر من مئة عام في كلمات قليلة، إلا أن التوسع بالموضوع والتوسع به يتضمن العديد من الدروس المستفادة، وإلى جميع المطاعم التي تقع خارج رادار هذه المنظمة عليك أن تحرص على نجوم العملاء المنشورة ضمن مواقع التقييم والمراجعات (على رأسها جوجل مابس) هذه النجوم والتوصيات التي يشاركها العملاء لا تقل أهمية عن نجوم مفتشي ميشلان ،ولها أثر كبير على قرار العميل في تجربة مطعمك لأول مرة أو تكرار التجربة,

نجوم ميشلان

قائمة بالمصادرالرئيسية: 

  1. https://guide.michelin.com/en/about-us 
  2. https://youtu.be/bIsbQTlYJVY
  3. https://guide.michelin.com/en/article/news-and-views/michelin-guide-2020-the-new-sustainability-emblem
  4. https://guide.michelin.com/en/article/news-and-views/how-to-get-michelin-stars 
  5. https://arabic.cnn.com/travel/2017/10/06/french-chef-sebastien-bras-michelin-stars

أقرا أيضا:

تجربة العميل

دراسة مشاعر المتعاملين لتطوير تجربة مثالية

المهند السبيعي

حاصل على بكالوريوس نظم معلومات إدارية من جامعة فيلادلفيا - الأردن يتمتع المهند بخبرة عملية تجاوزت الخمسة عشر سنة، في عدة صناعات وشركات عالمية بدأ مساره المهني بمجال تقنية المعلومات في شركة فيديكس ثم بمجال أبحاث التسويق في عدة شركات من بينها: سينوفيت وابسوس العالميتان وشركة علم لأمن المعلومات وتدرج في مساره المهني ليعمل في مجال تجربة العميل بداية من مصرف الراجحي ومن ثم هيئة تنمية الصادرات السعودية، حاليا يعمل المهند في شركة شاورمر (قطاع المطاعم): كمدير عام إدارة تجربة العميل مهتم بالمجالات التالية: اقتصاد التجربة، تجربة العميل وتجربة الموظف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى