مقالاتاخبارصوت العميل

السيارة التي تتحسس من الآيس كريم

السيارة التي تتحسس من الآيس كريم

المهند السبيعي

سيارة بونتياك (Pontiac) أحد موديلات السيارات التي قامت بتصنيعها وإطلاقها شركة (General Motors) عام 1925 م وتوقف لاحقا إنتاجها عام 2010، القصة بدأت بشكوى رفعها أحد مقتني هذه السيارة لقسم خدمة العملاء بالشركة.

السيارة

كتب العميل في شكواه ما يلي: 

” تعودت وعائلتي على تناول الآيس كريم للتحلية بعد العشاء كل ليلة. لكن نوع الآيس كريم يختلف بناءً على تصويت بين أفراد العائلة وهنا المشكلة … فقد قمت مؤخرا بشراء سيارة بونتياك جديدة من شركتكم ومنذ ذلك الحين أصبحت رحلاتي اليومية إلى السوبرماركت لشراء الآيس كريم تمثل مشكلة. فقد لاحظت أنني عندما أشترى الآيس كريم (بنكهة الفانيليا) وأعود للسيارة فإن المحرك لا يدور معى .. أما إذا أشتريت آيس كريم من أي نكهة أخرى يدور المحرك دون أي مشاكل … صدقونى أنا جاد فيما أقول.”

ردة فعل الشركة

 

اطلع على الرسالة أحد مهندسي الصيانة بعد توجيه من رئيس الشركة، ورغم أن الربط بين الآيس كريم ومحرك السيارة الجديدة قد يبدو ضربا من الجنون واللامنطقية، قرر مهندس الصيانة الذهاب لمنزل صاحب السيارة !

وبدأ صاحب السيارة في إثبات صدق روايته للمهندس .. فأخذه لشراء الأيس كريم واشترى آيس كريم بنكهة الفانيليا وعندما عادوا للسيارة لم يدور محركها!!  

تعجب مهندس الصيانة وقرر تكرار هذه التجربة لثلاثة ليالي وفي كل ليلة كانوا يشترون آيس كريم بنكهة مختلفة عن الفانيليا وبالفعل كان محرك السيارة يدور دون مشاكل !!؟

السيارة

رفض المهندس تصديق ما تراه عيناه لأنه مناف للمنطق وبدأ بتكرار الرحلة للسوبر ماركت يومياً مع تسجيل ملاحظات دقيقة للمسافة التى يقطعها يومياً والزمن الذي يقطعه والشوارع التى يمر منها وكمية الوقود بالسيارة والسرعة التي تسير بها وكل معلومة يمكن رصدها عن هذه الرحلة.

تحليل النتائج وتحديد المسبب

بعد تحليل البيانات التي تم جمعها وجد المهندس أن شراء آيس كريم الفانيليا يستغرق وقتا أقل من شراء أي نكهة أخرى من الآيس كريم وذلك لآن قسم بيع آيس كريم الفانيليا فى السوبر ماركت يقع فى مقدمة السوبر ماركت كما يتوفر كميات كبيرة منه لأن نكهة الفانيليا كان الأكثر شعبية وتفضيلا للعملاء .. أما باقي النكهات فتقع في الجهة الخلفية من السوبر ماركت وبالتالي يستغرق شراءها وقتاً أطول.

اقترب مهندس الصيانة من حل المشكلة وتحديد المسبب الرئيسي (Root Cause)

محرك السيارة لا يدور إذا مر وقت قصير على إطفائه (وهذا ما كان يحدث عند شراء أيس كريم الفانيليا)، محرك السيارة يحتاج لبعض الوقت لكي يبرد قبل أن يمكن إعادة تدويره مرة أخرى (وهذا ما كان يحدث عند شراء النكهات الأخرى)، وبالنهاية جذر المشكلة لم يكن له أي علاقة بنكهة الآيس كريم وإنما بمشكلة تسمى (vapor lock). لتقوم الشركة بمعالجتها لاحقا في موديلاتها الجديدة.

الدرس المستفاد : 

رغم أن الشكوى قد تبدو للوهلة الأولى بأنها سخرية أو أن العميل يريد أن يتسلى ولم يجد أحدا يتسلى معه إلا قسم خدمة عملاء الشركة. مع ذلك قررت إدارة الشركة ممارسة التقمص العاطفي وأرسلت مهندس الصيانة ليمشي بحذاء العميل وينظر للعالم من منظوره. 

مسببات الشكاوى متعددة وقد لا تبدوا معطياتها الأولية منطقية نهائيا، إلا أن التعمق والبحث عن الجذر الرئيسي سيصل بك إلى سبب واضح في غاية المنطقية.

في الختام

هذه قصة قديمة عن التقمص العاطفي، نشرت لأول مرة قبل 21 سنة. إلا أن الدرس المستفاد منها صالح ليومنا هذا …

 

فالعديد من الشركات تقفز للاستنتاجات السلبية ولا تفضل أن تقوم بخطوات إضافية وجهد إضافي في الاستماع للعميل وفهم مشاكله ونفس الكلام ينطبق على موضوع تحديد جذور الشكاوى ومسبباتها، فرجال الأعمال لا يرون من شركاتهم إلا الأرقام (الأرباح والخسائر) وطالما كانت هذه المؤشرات أو ما يرتبط بها يبدو بوضع صحي، فلماذا العناء؟

وهذا خطأ كبير مهما كان حجم الشركة، تذكروا أن وقوع الفيل (الشركات الكبيرة) ليس كوقوع الغزال (الشركات الصغيرة) وكلاهما يجب أن يهتموا بعملائهم ويتعلموا منهم.

شاهد الفيديو 

المهند السبيعي

حاصل على بكالوريوس نظم معلومات إدارية من جامعة فيلادلفيا - الأردن يتمتع المهند بخبرة عملية تجاوزت الخمسة عشر سنة، في عدة صناعات وشركات عالمية بدأ مساره المهني بمجال تقنية المعلومات في شركة فيديكس ثم بمجال أبحاث التسويق في عدة شركات من بينها: سينوفيت وابسوس العالميتان وشركة علم لأمن المعلومات وتدرج في مساره المهني ليعمل في مجال تجربة العميل بداية من مصرف الراجحي ومن ثم هيئة تنمية الصادرات السعودية، حاليا يعمل المهند في شركة شاورمر (قطاع المطاعم): كمدير عام إدارة تجربة العميل مهتم بالمجالات التالية: اقتصاد التجربة، تجربة العميل وتجربة الموظف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى